الطائفة الأخرى ورجوعها، فإن كان بين المكانين نصف ميل، احتاجت كل طائفة إلى مشي ميل، وانتظار الأخرى قدر مشى ميل وهي في الصلاة، ثم تحتاج إلى تكليف الرجوع إلى موضع الصلاة لإتمام الصلاة من غير حاجة إليه، ولا مصلحة تتعلق به، فلو احتاج إلا من إلى هذه الكلفة في الجماعة، سقطت، فكيف يكلف الخائف وهو في مظنة التخفيف والحاجة إلى الرفق!؟
ومفارقة الإمام لعذر جائزة، ولا بد منها على القولين، فإنهم جوزوا للطائفة الأولى مفارقة الإمام والذهاب إلى وجه العدو، وهذا أعظم مما ذكرناه، فإنه لا نظير له في الشرع، ولا يوجد مثله في موضع آخر.
إذا عرفت هذا، فإن صلى بهم كمذهب أبي حنيفة، لم يجز، لما فيه من الفعل الكثير.
وقال أحمد وابن جرير وبعض الشافعية: يجوز، لكن يكون قد ترك الأولى (1).
مسألة 656: يشترط في صلاة ذات الرقاع أمور أربعة:
الأول: كون الخصم في غير جهة القبلة بحيث لا يتمكن من الصلاة حيى يستدير القبلة، أو تكون عن يمينه أو شماله، أو الحيلولة بينهم وبين المسلمين بما يمنع من رؤيتهم لو هجموا - وبه قال الشافعي (2) - لأن النبي صلى الله عليه وآله، فعلها على هذه الصورة (3)، فتجب متابعته.
وقال أحمد: لا يشترط، لأن العدو قد يكون في جهة القبلة على وجه لا يمكن أن يصلي بهم صلاة عسفان، لانتشارهم أو استتارهم أو الخوف من كمين (4).