ولأن الفقه يحتاج إليه في الصلاة في جميع أفعالها للإتيان بواجباتها وسننها، وجبرها إن عرض ما يحوج إليه، والعلم بالسنة أهم من السن، للاحتياج إليه في تدبير الصلاة، بخلاف السن.
وقال المرتضى: يقدم الأسن ثم الأعلم بالسنة (1)، لما رواه مالك بن الحويرث وصاحبه قال: (يؤمكما أكبر كما) (2).
ومن طريق الخاصة: قول الصادق عليه السلام: " إن رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: يؤم القوم أقرؤهم للقرآن، فإن تساووا، فأقدمهم هجرة، فإن تساووا، فأسنهم، فإن كانوا سواء فليؤمهم أعلمهم بالسنة " (3).
ولا حجة في الأول، لإمكان علمه عليه السلام بتساويهما لا في السن.
والثاني يدل على الجواز، ونحن نقول به، والخلاف في الأولوية.
إذا ثبت هذا، فإن اجتمع فقيهان قارئان، وأحدهما أقرأ والآخر أفقه، قدم الأقرأ على الأول، للحديث، والأفقه على الثاني، لتميزه بما لا يستغنى عنه في الصلاة.
فإن اجتمع فقيهان أحدهما أعلم بأحكام الصلاة والآخر أعرف بما سواها، فالأعلم بأحكام الصلاة أولى، لأن علمه يؤثر في تكميل الصلاة، بخلاف الآخر.
مسألة 583: إذا تساووا في الفقه، قدم أقدمهم هجرة، والمراد به:
سبق الإسلام، أو من كان أسبق هجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام، أو يكون من أولاد من تقدمت هجرته، فيقدم بذلك، سواء كانت الهجرة قبل الفتح أو بعده.