وهل البصير أولى؟ يحتمل ذلك، لأنه يتوقى النجاسات، والأعمى لا يتمكن من ذلك ويحتمل العكس، لأنه أخشع في صلاته من البصير، لأنه لا يشغله بصره عن الصلاة.
وكلاهما للشافعية، ونص الشافعي على التساوي (1). وهو أولى، لأن النبي صلى الله عليه وآله، قدم الأعمى كما قدم البصير.
مسألة 574: قال أصحابنا: الأغلف لا يصح أن يكون إماما. وأطلقوا القول في ذلك، لما رواه زيد عن آبائه عليهم السلام، عن علي عليه السلام، قال: " الأغلف لا يؤم القوم وإن كان أقرأهم لأنه صنيع من السنة أعظمها، ولا تقبل له شهادة، ولا يصلى عليه إلا أن يكون ترك ذلك خوفا على نفسه " (2).
والوجه: التفصيل، وهو: أنه إن كان متمكنا من الاختتان وأهمل، فهو فاسق لا يصلح للإمامة، وإلا فليس بفاسق، وصح أن يكون إماما. والرواية تدل على هذا التفصيل. والظاهر أن مراد الأصحاب التفصيل أيضا.
مسألة 575: تكره إمامة المحدود بعد توبته، لأن فسقه وإن زال بالتوبة إلا أن نقص منزلته وسقوط محله من القلوب لم يزل، فكره لذلك وإن لم يكن محرما.
أما السفيه فإن كان فاسقا، لم تصح إمامته، لما روي عن أبي ذر قال:
إن إمامك شفيعك إلى الله فلا تجعل شفيعك سفيها ولا فاسقا (3).