وفي رواية عن الباقر عليه السلام، قال: " التقصير في بريد، والبريد أربعة فراسخ " (1).
وهي محمولة على إرادة الرجوع ليومه، لأنه حينئذ قد شغل يومه بالسفر، فحصلت المشقة المبيحة للقصر، وكذا غيرها من الروايات.
وللشافعي أقوال:
أحدها: إباحة التقصير في ستة وأربعين ميلا بالهاشمي، وهو: مسير ليلتين قاصدا بين سير النقل (2) ودبيب الأقدام (3).
الثاني: ثمانية وأربعون ميلا بالهاشمي - وبه قال عبد الله بن عباس وابن عمر، ومالك والليث وأحمد وإسحاق وأبو ثور - لقوله عليه السلام: (يا أهل مكة لا تقصروا في أدنى من أربعة برد من مكة إلى عسفان) (4) (5).
وهو معارض بما روي عنه عليه السلام من التقصير في مسير يوم (6).
ولأن القصر لو لم يثبت لمسير يوم، لما ثبت مع ما زاد لزوال مشقة براحة الليل.
وقد روي عن الرضا عليه السلام: " إنما وجب التقصير في ثمانية فراسخ لا أقل من ذلك ولا أكثر، لأن ثمانية فراسخ مسير يوم للعامة (7) والقوافل والأثقال، فوجب التقصير في مسير يوم " قال: " ولو لم يجب في مسير يوم لما