على أن دليل إرث الخيار هو دليل إرث المال، فهل يتوهم أحد كون الإرث ثابتا للطبيعي، بحيث كل من سبق إلى أخذ التركة لا يكون لغيره ذلك.
بطلان الاحتمال الثاني وهو أن يكون لكل منهم خيار مستقل من حيث الفسخ وقد اتضح مما ذكرناه بطلان الاحتمال الثاني المتقدم في أول المسألة، وهو أن يكون لكل منهم خيار مستقل من حيث فسخ العقد دون الامضاء، فإنه لا دليل على ذلك أيضا.
على أنه إذا كان له خيار من حيث الفسخ فلماذا ليس له خيار من حيث الامضاء، مع أن الدليل مطلق، وكذا لا دليل على الاحتمال الأول أيضا بأن يكون الخيار لكل واحد من الورثة فسخا وامضاء على نحو الاستحقاق، بحيث لا يبقى مجال مع اعماله الخيار إلى الورثة الأخرى، وذلك لأن الدليل كان يقتضي أن يكون ما تركه الميت من الحق والمال للوارث بأجمعهم لا لوارث واحد.
وبعبارة أخرى أن الوارث لم يتلق الخيار ابتداءا من الشارع ليكون مستقلا في اعماله بل يتلقاه من الميت وهو خيار واحد، فلا يمكن أن يكون هذا لكل ورثة خيار مستقل إذا سبق إلى اعماله، بل هذا الخيار الواحد ثبت لمجموع الورثة، ولم يتوهم ذلك أحد في إرث المال مع أن الدليل واحد.
وعلى الجملة أن ملاحظة كيفية الإرث في المال واتحاد الدليل على إرث الخيار والمال يقتضي بطلان هذه المحتملات أجمع، فلا دليل على أن يرث كل من سبق إلى اعمال الخيار الحق المذكور، ولا يبقى مجال للبقية.