وعلى الجملة أن عدم سقوط حق القصاص بعفو البعض أيضا غريب عن دليل نفي الضرر كما هو واضح.
وأما حق الشفعة فإن لم يرد فيه نص على عدم سقوطه بعفو الآخر، ودليل آخر يقتضي تلقي الورثة ذلك ابتداءا من الله تعالى، ولكن لا نلتزم فيه بغير ما التزمناه في حق الخيار بل نجري فيه عين ما ذكرناه في إرث الخيار، بأن نقول إن الميت إذا كان له حق الشفعة على أحد فمات يقومون الوراث بأجمعهم مقامه في ذلك، فلهم جميعا أن يأخذوا ويتملكوا حصة الشريك المبيعة بحق الشفعة.
وأما إذا عفى أحدهم عن حقه أو لم يعمل حقه وسكت لا دليل على استقلال البقية بأعمالهم حقهم والأخذ بالشفعة لما تقدم من التفصيل في حق الخيار، سواء كان المدرك لإرث حق الشفعة هو النبوي: ما تركه الميت من حق أو مال فلوارثه، مع العلم الخارجي بأن حق الشفعة من جملة ما تركه، أو كان الدليل على ذلك هو الاجماع كما تقدم في الخيار، فافهم.
المناقشة في قول المصنف في الفرق بين الخيار وسائر الحقوق وأما ما ذكره المصنف من الفرق بين الخيار والحقوق المذكورة أعني حق القذف وحق القصاص وحق الشفعة، ودعواه أن حديث نفي الضرر هو الفارق بينهما، فيرد عليه:
أولا: أن لا ضرر إنما هو مسوق لنفي الأحكام الضررية في الشريعة المقدسة وليس مسوقا لدفع ما يوجب عدم جلب المنفعة، ومن الواضح أن الوارث بأعماله حق الشفعة يجلب المنفعة، وهي ضم حصة الشريك المبيعة لحصة نفسه، خصوصا إذا كانت الحصة المبيعة مبيعة بقيمة