الجهة الرابعة إنه بعد ما كان اشتغال ذمة المديون ضررا عليه مع عدم قبول الدائن دينه فلا بد من عزل حقه وتعيينه في شخص معين، وهل المتصدي لهذا العزل هو المديون أو الحاكم أو شخص آخر؟
والظاهر أنه هو الحاكم، فإن ما يدفع به الضرر هو جواز العزل، وأما أن يكون المتصدي هو المديون فلا يقتضيه دليل نفي الضرر، لما ذكرنا في باب الولاية أنه وإن كان لا دليل على ولاية الحاكم ولكن مع ذلك نلتزم بثبوت الولاية له من باب القدر المتيقن، وكذلك في المقام، فإنه قد اقتضى دليل نفي الضرر ارتفاع حكم الشارع باشتغال ذمة المديون وأنه يعزل حقه مع امتناعه، ولكن الأمر دائر بين أن المتصدي لذلك هو الحاكم أو غيره، فالقدر المتيقن هو أن يكون المتصدي لذلك هو الحاكم.
ثم إنه بعد العزل هل يدفع إلى الحاكم أو يجعل أمانة عند المديون أو عند شخص آخر، أو يلقي إلى نفس المالك سواء أخذ أم لا؟
وقد يقال إنه يعطي للحاكم لأنه ولي من لا ولي له، ولكنه واضح الدفع، فإنه إنما يدفع المال إليه إذا لم يكن مالكه حاضرا ولم يكن له ولي يحفظه، فإنه يعطي للحاكم وهو يأخذه ويحفظه حسبة، وأما في المقام فالمالك حاضر فلا حسبة لأخذه عنه، ولا دليل بالخصوص يدلنا عليه، فلا دليل لوضعه عند الحاكم، كما لا دليل على لزوم أن يأخذه الحاكم كما تقدم بحيث يكون وظيفة له، ومن هنا ظهر حكم غير الحاكم أيضا.
وأما المديون، فذكر المصنف أنه يجعل عنده فإن تلف فعلى ذي الحق، لأن هذا فائدة العزل وثمرة إلغاء قبض ذي الحق، ومع ذلك لا يخرج بالعزل عن ملك مالكه لعدم الدليل عليه، فإن التملك كان