إذا كان التلف بفعل متلف وهذا كله إذا كان التلف سماويا، وأما إذا كان ذلك بفعل متلف، فهل يكون ذلك أيضا من البايع ويحسب عليه أو من المشتري أو من المتلف؟
فنقول: إن المتلف قد يكون هو المشتري نفسه، وقد يكون هو البايع، وقد يكون هو الأجنبي، أما إذا كان المتلف هو المشتري نفسه، فالظاهر أنه لا خلاف في ثبوت الضمان على المشتري فلا يحكم بانفساخ العقد ليكون التالف على البايع.
وذلك من جهة أن المشتري قد أتلف مال نفسه فيكون ضمانه عليه، على ما تقتضيه القاعدة والنبوي وهكذا رواية عقبة منصرفات عن هذه الصورة قطعا، والاجماع دليل لبي لا يشمل المقام، والسيرة قائمة على ضمان المشتري فضلا عن قيامها على ضمان البايع.
ولا يفرق في ذلك بين علم المشتري يكون المبيع ماله وبين جهله بالحال، فإن العلم والجهل في باب الضمانات غير مؤثر في الفرق.
نعم يفرق بين العلم والجهل إذا كان المشتري مقدما على الاتلاف بتغرير البايع، بأن أقدم البايع الطعام المشتري على المشتري فأكله المشتري فيكون المتلف هنا هو البايع بقاعدة الغرور، فإن المتلف هو الغار الذي هو البايع والمشتري لم يقدم على اتلاف ماله بل أقدم على اتلاف مال البايع مجانا، هذا في غاية الوضوح مع علم البايع بالحال.
وأما مع جهله بالحال فقد احتمل المصنف فيه وجهان، ولكن الظاهر أن لا يفرق بين علم البايع بالحال وجهله بها، فإنه على كل تقدير لم يقدم المشتري على اتلاف ماله بل على اتلاف مال البايع مجانا، وأن السبب في ذلك هو تقديم البايع ذلك إليه، وعلى هذا فيكون ذلك من صغريات اتلاف البايع وسيأتي حكمه إن شاء الله تعالى.