بيان آخر للمسألة الثانية والحاصل أن الكلام كان في الاختلاف في فورية الخيار وعدمها، وقد ذكر المصنف أنه لو اختلفا في تأخر الفسخ عن أول الوقت بناءا على فورية الخيار، ففي تقديم مدعي التأخير لأصالة بقاء العقد وعدم حدوث الفسخ في أول الزمان، أو مدعي عدمه لأصالة الصحة وجهان.
أقول: قد عرفت أن هذا البحث سيال وليس مخصوصا بالمقام، بل يجري في كل حادثين في زمان واحد يشك في تقدم أحدهما على الآخر وعدمه، كموت المورث واسلام الوارث، وكبيع الراهن ورجوع المرتهن عن إذنه، وكالفسخ والتفرق في خيار المجلس، بل يجري في متعلقات التكاليف أيضا كالصلاة والطهارة ونحوهما، ويجري كلام المصنف في جميع ذلك، من أن الأصل عدم تحقق الفسخ في زمان الخيار، وأن الأصل عدم وجود الصلاة في حال الطهارة وهكذا.
وقد عرفت أنه ذكر بعضهم عكس ذلك والتزم بأن الموضوع في أمثال الموارد مركب من جزئين: أحدهما ثابت بالأصل، والآخر ثابت بالوجدان، فيترتب عليه الأثر، ولا يكون أصالة عدم وقوع الفسخ مثلا في زمان الخيار معارضا لذلك الأصل، لأن الموضوع هو ذات الجزئين وكونهما في زمان واحد، وأما عنوان التقيد فليس موضوعا للحكم حتى ينفى بالأصل، فراجع إلى ما ذكرناه مفصلا قبل هذا.
التحقيق في المقام والتحقيق هو التفصيل في المقام والقول بجريان الأصل في بعض الموارد وبعدم جريانه في بعض الموارد الأخر أصلا فضلا عن المعارضة.