سر جواز تصرف من عليه الخيار فيما انتقل إليه من العوض وكيف كان فلا شبهة في جواز تصرف من عليه الخيار فيما انتقل إليه من العوض، بل هذا مما قام عليه الاجماع وتسالم الفقهاء في بعض الموارد كالثمن في بيع الحيوان، فإنه هل سمعت من أحد يتوقف في التصرف هذا الثمن تصرفا متلفا بدعوى أنه متعلق لحق الغير، وكذا في الثمن في البيع الخياري حتى مع وجود الخيار للمشتري أيضا من خيار المجلس أو الحيوان أو الشرط، فإنه لم يتوهم أحد في جواز التصرف حينئذ في الثمن، بل بناء البيع الخياري على التصرف في الثمن، إذ البايع إنما باع ذلك العين بثمن رخيص مع الخيار مدة لاحتياجه إلى التصرف في الثمن كما هو واضح.
والسر في جميع ذلك هو أن التصرف إنما هو صدر من أهله ووقع في محله، بل تصرف من عليه الخيار فيما انتقل إليه من الضروريات كما في خيار الرؤية والتأخير والغبن، فإن الغابن أو الذي يؤخر الثمن عن المدة المعلومة في المبيع المؤجل، أو عن المدة التي رضا البايع بالتأخير في هذه المدة في بيع النقد، وكذا فيما اشترى شيئا برؤية قديمة ثم ظهرت العين على غير الوصف السابق، فإن في جميع ذلك لا شبهة في جواز تصرف من عليه الخيار في المبيع، بل هو أمر ارتكازي ضروري فلا يحتاج إلى التأمل أصلا.
وتوهم أن الخيار في الموارد المذكورة ليس من الأول بل من زمان ظهور الغبن أو الرؤية أو تأخير الثمن عن العدة المعينة توهم فاسد، بداهة ثبوت الخيار فيها من الأول كما تقدم في السابق.
والوجه في ذلك هو ما ذكرناه في مبحث خيار الغبن والرؤية والعيب،