وعلى الجملة أن الميزان الكلي في ملاحظة مقتضى الطبيعة هو كون الشئ على طبيعة الأولية، أو كون أغلب الأفراد على وصف خاص، ومع التعارض يتقدم الثاني، هذا محصل كلام المصنف، فافهم.
المناقشة في تعريف المصنف للعيب أقول: إن كان مراده من كون الصحيح ما كان على وفق مقتضى الطبيعة والمعيب ما لم يكن ذلك، هو كونه الماهية والطبيعة المشتركة بين جميع الأفراد مقتضيا لذلك، بحيث يكشف بالطريقين المذكورين أن مقتضى الماهية الفلانية أن يكون أفراده متصفا بالوصف الفلاني، وإذا تخلف في فرد يكون تخلفه هنا عيبا.
إن كان مراده هذا المعنى كما يؤيده التعبير بلفظ الماهية والطبيعة، فيرد عليه أن الماهية لا اقتضاء فيها أصلا، وقد قرع سمعك كثيرا أن الماهية من حيث هي هي ليست إلا هي، لا موجودة ولا معدومة، وأن الماهية بحسب نفسها ليس فيها اقتضاء الوجود والعدم، بل الاقتضاء فيها إنما هو من الجهات الخارجية، وهلا سمعت قول الشيخ: إن الماهية من ناحية وجود علته ايس ومن ناحية عدم علته ليس (1).
وعلى هذا فلا معنى لتعريف العيب بأنه ما يكون ناقصا عن مقتضى الطبيعة، إذ لا اقتضاء للطبيعة أصلا فضلا عن أن يكون خلافه عيبا، وإنما الماهية الانسانية مثلا عبارة عن الجنس والفصل، سواء تحقق في الخارج بصيرا أو سميعا، أو ذي يد ورجل أم لم يكن له شئ من هذه الأعضاء أصلا.