الجهة الثالثة إن البايع إذا امتنع عن القبض إما لعدم وجوبه أو لعدم امكان اجباره، فهل يتولى الحاكم بالقبض لكونه ولي الممتنع، أو لا يجب عليه ذلك؟
والظاهر أنه لا دليل على مباشرة الحاكم بذلك، إذ لا ولاية له على ذلك، غاية الأمر أنه ولي الممتنع عن أداء الحق، فإنه يجبره على الأداء بل يجبره عدول المؤمنين بل فساقهم على ذلك، فإنه من باب الأمر بالمعروف، ومع عدم قبوله يتولاه الحاكم وغيره من المؤمنين، وأما إذا كان الامتناع عن قبول حق نفسه فلا دليل على ولاية الحاكم عليه، بأن يقبل ماله ويقبضه ولاية عنه، وإن قلنا للغائب ونحوه حسبة، وكذا ليس للحاكم أن يطالب المديون بالدين مع حلول الأجل ورضاء المالك ببقائه في ذمته أي المديون.
وكيف كان فمباشرة الحاكم بالقبض في أمثال الموارد تصرف في مال الغير بدون إذنه فيحتاج إلى دليل، ومع الرضا بذلك فيجوز للحاكم قبضه، لا أنه يجب عليه بحيث يكون ذلك وظيفة له بما أنه حاكم، وهذا واضح جدا.
ومن هنا ظهر أن ما ذهب إليه في السرائر (1) من الحكم بوجوب القبض للحاكم وعدم وجوب اجبار الدائن ليس في محله، وكذلك لا وجه لما رجحه جامع المقاصد (2)، من تولي الحاكم بالقبض مع عدم الاكراه للبايع.