وبعبارة أخرى أن دليل الضرر إنما يرفع الحكم الناشئ منه الضرر، ولا شبهة أن الحكم الذي ينشأ منه الضرر إنما هو حكم الشارع بلزوم دفع الثمن إلى البايع، فإذا امتنع البايع عن القبول يكون بقاء هذا الحكم على حاله ضرريا على المشتري، ومن الواضح أن اندفاع هذا الضرر لا ينحصر بقبول البايع ليحكم بوجوبه عليه، بل كما يدفع بوجوبه كذلك يدفع ذلك بدفعه إلى الحاكم، أو بالقائه في الطريق، أو بجعله عند نفسه أمانة شرعية كما هو واضح.
وتوهم أن قبض الحاكم لا يدفع الاضرار والظلم، وهكذا بعزله وكون ضمانه على مالكه توهم فاسد، كما عرفت.
ولا وجه لقياس ذلك بمن يجب عليه بيع ماله لنفقة عياله، فإن الوجوب هنا باق على حاله حتى مع قيام الغير على بيع ماله وصرفه في نفقة عياله، فإنه من جهة ما دل على وجوب الاتفاق لا لدليل الضرر كما هو واضح.
وكيف كان فإذا امتنع عن قبول حقه سقط وجوب الاعطاء له، لا أنه يبقى على حاله وسقط اعتبار رضاه في بيع ماله كما لا يخفى.
بيان آخر للجهة الأولى والحاصل أن الكلام في هذه المسألة يقع في جهات:
الجهة الأولى: أنه هل يجب على البايع قبول الثمن وقبضه مع حلول أجله إذا اعطاء المشتري أو لا يجب؟
فذكر المصنف أنه يجب على البايع قبوله إذا لم يرض المشتري ببقائه عنده لدليل نفي الضرر، ولكن قد عرفت أن الضرر إنما نشاء من حكم الشارع باشتغال ذمته وكونه مديونا فإنه ضرر على اعتباره، ولم ينشأ الضرر من عدم قبوله.