وأعجب من ذلك أنه ذكر أن بناء المتعاقدين بالوصف في اشتراطه يخرج المعاملة عن الغررية.
وفيه أولا: إن البناء أمر قلبي، والغرر عبارة عن الخطر، وهو أمر نفساني أعني التردد والحيرة، فلا يرتفع بالأمر القلبي لعدم كونه من أفعال القلوب.
ثانيا: لو كان البناء موجبا لرفع الغرر وكيف لا يلتزمون بكونه رافعا للغرر في المقام أيضا، بأن يبنون على حصول ذلك الأمر فيكون ذلك موجبا لارتفاع الغرر كما لا يخفى.
وأما عدم القدرة على التسليم فهو ليس شرطا آخر وراء اعتبار عدم الغرر، فإنها شرط واحد وسببه الجهل، على أنه إنما يفيد فيما إذا كان الشرط بمعنى الأول أعني تعليق العقد على الفعل كالالتزام ونحوه، وأما في المقام فأي فائدة لكون الشرط مقدور التسليم، فإنك قد عرفت أن مرجع هذا النحو من الاشتراط إلى جعل الخيار على تقدير عدم الحصول، كما إذا باع الزرع وشرط فيه كونه سنبلا بمشية الله وإلا فيكون له الخيار كما هو واضح.
ومن هنا ظهر أنه لا وجه لما ذكره شيخنا الأستاذ من اشتراط مالكية المشروط عليه بالشرط، وإلا يكون ذلك مثل بيع ما لا يملك، ومن هنا ظهر الحال ما في الفرع المعروف من أنه لو باع متاعه كالدار مثلا من زيد واشترط بيعه من عمرو فإنه لا شبهة في صحة هذا البيع ويترتب عليه الخيار على تقدير عدم البيع وتخلف الشرط، كما هو واضح.
التحقيق في المقام وحاصل الكلام أن الشروط التي يجب الوفاء بها ذكروا فيها شروطا منها أن يكون الشرط مقدورا، وقد عرفت أنه استدل عليه بوجوه،