بيان آخر للاختلاف في موجب الخيار إذا كان أحدهما أو كلاهما وكيل وقد انتهى الكلام إلى وقوع العقد من الوكيل والأصيل ثم وقوع الاختلاف بينهما، وفي هنا جهات من البحث:
الجهة الأولى الصورة الأولى: في توجه الدعوى إلى أي من الوكيل والموكل، فإذا وقع العقد بين الوكيل الذي هو البايع وبين الأصيل الذي هو المشتري، ثم وقع الاختلاف بينهما، فهل يتوجه الدعوى إلى الوكيل أو إلى الموكل؟
فنقول: تارة كان المشتري قاطعا بأن البايع في دعواه الوكالة عن الغير كاذب، حتى مع اعتراف الغير بأنه وكله وهو وكيله، فإن المشتري لا يوجه الدعوى ولا يرجع في هذه الصورة إلا إلى البايع الذي يدعي الوكالة عن الغير، فإن المشتري حسب اعتقاده يرى البايع كاذبا في دعواه، فليس له مع ذلك الرجوع إلى شخص آخر، وإن صدقه هذا الشخص الآخر في دعواه وكونه وكيلا من قبله.
الصورة الثانية: أن يدعي البايع كونه وكيلا من قبل الموكل ولم ينكره المشتري، وليس له قطع بكذبه بل يحتمل صدقه، ولكن يقول: إني اشتريت المال منك، فمقتضى يدك كونه من ملكك، فإن اليد أمارة الملكية، ومع ذلك أن من يدعي البايع كونه وكيلا من قبله أيضا يعترف بكونه وكيلا من قبله، وحينئذ فللمشتري أن يوجه دعواه إلى الوكيل لكونه هو المالك بحسب الأمارة، وهي اليد، وله أن يوجه دعواه إلى الموكل لكونه معترفا بكون الوكيل وكيلا من قبله، فيكون قوله واعترافه مسموعا.