وأما كون الأفراد النادرة على خلاف هذا الوصف فهو لا يقتضي أن يكون على طبق مقتضى الطبيعة الأولية بل هو عيب في تلك الأفراد النادرة، وإن تخلف الوصف الموجود في غالب الأفراد من الأفراد النادرة لعارض فيكون عيبا، والوجه استكشاف العيب من ذلك الغلبة مع أنه لا يكون الجزئي كاشفا عن حال جزئي آخر هو أن ملاحظة الأغلب ووجد أنه على وصف خاص كاشف عن اتصاف القدر المشترك بذلك الوصف، فيستدل من الأغلب إلى القدر المشترك ويحكم به على كون كل فرد كذلك بحسب الطبيعة الأولية.
ومن هنا ظهر أن مقتضى الخلقة الأصلية قد يكون على خلاف ما يقتضيه طبع الشئ أولا.
توضيح في مقتضى الخلقة الأصلية وتوضيح ذلك: أن طبع الشئ قد يكون مقتضيا لكونه على وصف خاص بحسب خلقته الأصلية ولكن تعرضها طبيعة ثانية غلبة فيقتضي حالة على خلاف تلك الحالة الأولية، فيكون المدار على الطبيعة الثانوية، فيكون المناط في كون فقدان وصف عيبا أو غير عيب بحسب تلك الحالة الثانوية.
وقد مثل المصنف لذلك بالضيعة، فإنها بحسب طبيعتها الأولية يقتضي أن لا يكون فيها خراج أصلا، فيكون ثبوت الخراج في أرض خاصة عيبا، ولكن حيث كان أغلب أفراد الأرض قد ثبت فيها الخراج فنكشف من ذلك أن الخراج ليس من العيوب بل عدم الخراج كمال في الأرض، فإذا كان هناك أرض قد أسقط سلطان الوقت خراجه وضريبته لجهة خاصة فيكون ذلك كمالا لذلك، لا أن ثبوته في مورد آخر يكون عيبا.