وثالثا: أنك قد عرفت فيما تقدم أن مطلق التصرف ليس بمسقط للعيب، وإنما المسقط إنما هو التصرف الذي يوجب التغيير في المبيع، أو يكون مسقطا بالتعبد كوطئ الجارية وتقبيلها أو ركوب الدابة، أو يكون التصرف بنفسه مصداقا للاسقاط الفعلي كما هو واضح، وإلا فلا دليل على كونه مسقطا له كما لا يخفى.
بيان آخر ونعيد هذا البحث لفائدة احتمالية، فنقول: إنه إذا تصرف المشتري في المبيع الذي كان معيوبا بعيب لا يوجب ذلك العيب نقصان القيمة كالخصي من البغل ونحوه، فهل يوجب ذلك الأرش والرد أم لا؟
فذكر المصنف أن الأرش منتف لعدم تفاوت القيمة والرد أيضا منتف للتصرف، ثم ذكر أنه يشكل الأمر فيه بلزوم الضرر على المشتري بصبرة على المعيب، وأجيب بأنه ليس هنا ضرر مالي لعدم نقص فيه أصلا، بل لا ضرر هنا، لأن الضرر عبارة عن النقص في المال والأطراف والعرض، فأي ضرر هنا يترتب على سقوط الرد كما هو واضح.
والصحيح أن يقال: إن الخصي ونحوه في العبد وغيره لم يكن عيبا كما هو الظاهر على ما عرفت، فلا شبهة في أنه ليس هنا عيب فضلا عن ثبوت الخيار والأرش حتى نبحث عن سقوطها بالتصرف، فأصل موضوع الرد والأرش منفي هنا وإن كان يصدق عنوان العيب على ذلك، أما سقوط الأرش فواضح لعدم ثبوته أولا فضلا عن سقوطه بالتصرف، فإنه عبارة عن تفاوت ما بين الصحيح والمعيب والمفروض انتفاء التفاوت هنا كما لا يخفى.
وأما سقوط الرد، فإن قلنا بكون التصرف مسقطا للرد، لكونه كاشفا