في اثبات الأرش أو الرد هو ثبوت ذلك بعد القبض أيضا، فإن كون المبيع معيوبا ضرر على المشتري ولو كان التعيب بعد القبض مع أنه لم يقل به أحد.
نعم هنا دليل ثالث يمكن اثبات جواز الرد به دون الأرش، لأن ثبوت الأرش في مورده على خلاف القاعدة فيقتصر فيه بمورده فلا يتعدى إلى غيره، وليس هنا دليل آخر تثبت الأرش به كما تقدم.
وتوضيح ذلك: الدليل الثالث الدال على ثبوت الرد هو أن بناء العقلاء إنما على كون تسليم كل من الثمن والمثمن على نحو صحيح وغير معيوب، ولا شبهة أن هذا معتبر في ضمن العقد بحسب بناء العقلاء، فإذا تعيب ذلك ولو كان بعد البيع فلا يكون التسليم تسليما صحيحا، فيثبت للمشتري في المقام خيار تعذر التسليم فله أن يفسخ العقد وله أن يرضى به بلا ثبوت أرش له كما هو واضح.
لو كان التعيب بواسطة اتلاف المتلف ثم إن هذا كله فيما إذا تعيب المبيع قبل القبض بآفة سماوية أو ما هو بحكمها كافتراس الأسد ذلك ونحوه، وأما لو كان التعيب بواسطة اتلاف المتلف فإن كان هو المشتري فلا يثبت له الأرش ولا الرد، لأنه أورد العيب في ماله فلا يكون له شئ في ذلك، وإن كان هو البايع أو شخص آخر فذكر المصنف أنه يثبت للمشتري على البايع أرش الجناية دون الخيار، ثم احتمل ثبوت الخيار أيضا.
أما ثبوت الأرش فلا شبهة في ذلك، لأن الجاني ضامن لما أحدثه من العيب في مال الغير لبناء العقلاء على ذلك، وأما الخيار فهو من جهة أن بناء العقلاء في المعاملات على التسليم الصحيح، والمفروض أنه متعذر هنا لتعيب المبيع فيثبت له خيار تعذر التسليم.