بالإذن فيها أو باستئجار نفسه العين ممن عليه الخيار، وهذا لا شبهة فيه، ولا أنه مورد الخلاف بين الفقهاء، ولذا أرسله المصنف إرسال المسلم على النهج الذي ذكرناه من وقوع التصحيف في العبارة، وإنما أشار إلى جهتين أخيرتين في المقام: إحداهما سقوط الخيار بالإذن في الايجار، والثانية مع قبول عدم سقوط بذلك لسقوطه بالتصرف، بحيث إن الجهة الثانية في طول الجهة الأولى.
الجهة الأولى: سقوط الخيار بالإذن في الايجار فبناء على مسلكنا في معنى الخيار من كونه عبارة عن كون المنشأ مقيدة بالفسخ على تقدير عدم الامضاء، وعليه فما لم يأذن من له الخيار في الايجار أو لم يجز العقد بعد الايجار يكون العقد فضوليا بالنسبة إلى ما بعد الفسخ، فتبطل الإجارة بالرد وبعدم الامضاء، وأما إذا إذن فيه أن يستأجر العين لنفسه، بأن قال: أجر هذه العين ولك أجرتها.
وبعبارة أخرى تدل على كون الأجرة للمؤجر، فلا شبهة حينئذ في صحة الإجارة مطلق وسقوط الخيار بهذا الإذن، بداهة أنه لا يعقل كون مجموع الأجرة للمؤجر مع عدم الفسخ، فإن من عليه الخيار الذي هو المؤجر لم يكن مالكا للعين والمنفعة إلا بالملكية المحدودة، بحيث كان أمدها حاصلا بعد الفسخ وصارت العين ومنفعتها ملكا للمستأجر، وإذا صرح ذي الخيار كون جميع أجرة العين في زمان الإجارة للمؤجر حتى بعد الفسخ.
فلا يعقل هذا إلا برفع اليد عن الفسخ وامضاء العقد وجعل ملكية من عليه الخيار مطلقة وإلا يلزم التناقض، فإن مقتضى كون مجموع الأجرة له الملكية مطلقة وإلا لم يكن الأجرة بعد الفسخ له، ومقتضى عدم سقوط الخيار أن الملكية ليست بمطلقة، وهما متناقضان، فافهم.