إذا لم يكن التصرف من التصرفات المحرمة هذا كله فيما إذا كان التصرف مما يحرم تعلقه بملك الغير كالتصرفات الخارجية، ولذا احتاج إلى حمله على الصحة، وأما إذا لم يكن من التصرفات المحرمة كما إذا لم تكن خارجية بل من التصرفات الاعتبارية التي يجوز تعلقها بملك الغير أيضا من غير أن يكون محرمة تكليفا وإن كان نفوذه وضعا يحتاج إلى الإذن، وذلك كالبيع والهبة والعتق ونحوها، فإن مثل هذه التصرفات الاعتبارية يصح تعلقها بمال الغير فضولة فلا يكون محرما.
ودعوى أن الفضولية لا تجري في مثل العتق ونحوه من الايقاعات للاجماع وإن كانت صحيحة إلا أن ذلك لا يدل على تحقق الفسخ لاحتمال الغفلة والاشتباه والجهل في حق المتصرف.
وعليه فإذا تصرف ذي الخيار فيما انتقل عنه تصرفا اعتباريا ناقلا كالبيع والهبة والعتق ونحوها، فإنه لا شبهة في أن الظاهر من هذه التصرفات أنها وقعت في ملكه، إذ لا بيع إلا في ملك، ولا عتق إلا في ملك، ولا يجوز هبة مال الغير، فيكشف ذلك عن أنه فسخ بنفس هذه التصرفات، وإن كان لا بأس بجواز بيع مال الغير فضولة إلا أنه على خلاف ظاهر هذه الأفعال، بل لا يقع عتق مال الغير صحيحا للاجماع وللتسالم على عدم جريان الفضولي في الايقاعات كالعتق والطلاق.
ولكن الكلام في حجية هذا الظاهر وإن كان هو موجودا، فإن كل ظاهر ليس بحجة، فإنه كان حجيته بالظن الحاصل من ذلك الظاهر، فإن المظنون أن الانسان إذا باع مال نفسه أو عتق مال نفسه وهكذا، فلا دليل على حجيته إلا من جهة الغلبة، ولا حجة للظن الحاصل منها.