لا شبهة أن المبيع الثاني الذي سأل السائل عن حكمه ليس الثمن فيه مساويا للبيع الأول، بل إما زائدا عنه أو ناقص، ولذا قال الراوي: فقد تغير سعره، فإن كان المراد هو الناقص فدلت الرواية على مقصود الشيخ، فإنه تكون الرواية أخص من العمومات والروايتين المتقدمتين فتكون هي مخصصة لهما.
ولكن ليس في الرواية ظهور في ذلك، بل الظاهر منها أن السائل بعد ما سأل عن حكم البيع الثاني فجاوبه الإمام (عليه السلام)، فرأى أنه ليس على نفعه لكون الثمن فيه زائدا من ثمن بيع الأول، فأراد الفرار عن ذلك، فسأل ثانيا أنه طعامي فكيف أعطي الثمن أكثر مما أعطاه المشتري لي بل لا بد وأن يعطيه المشتري لي بمثل الثمن الذي أعطيه إياه، فأجاب الإمام (عليه السلام) بأنه لا تأخذ منه - الخ، فتخيل السائل من ذلك أنه لا يجوز البيع بأزيد من الثمن الذي في البيع الأول، فقال: أرغم لله أنفي رخص لي فررت عليه وشدد على.
فإن الظاهر (1) من هذه الجملة أنه فهم عدم الجواز من الشراء بالزائد فتندم لأنه كان حاضرا بالشراء الزائد، ولكن لا دلالة في قوله (عليه السلام):
لا تأخذ منه - الخ، على عدم جواز الشراء ثانيا بالأكثر كما تخيله الراوي، بل الإمام (عليه السلام) أرشده إلى أنه إذا ثقل عليه أن تشتري متاعك بالثمن الزائد من الذي بايعته فلا تأخذ منه ذلك، فخلي أن يبيعه من غيرك فيعطيك دراهمك.
وعليه فلا دلالة في الرواية على المنع عن البيع بأزيد من الثمن الذي كان في البيع الأول.