وفيه أنه على تقدير صحة الرواية فلا دلالة فيها على المقصود، إذ ليس فيها أن المبيع ثانيا عين المبيع أولا، فإن المشتري قال: ليس عندي طعام فاشتر مني طعاما، فيمكن أن يكون هذا الطعام غير الطعام الذي وقع عليه البيع أولا كما يقتضيه التعبير عنه بالنكرة، حيث إنه طلب الثمن فأعطاه الطعام عنه، بل قيل إن تكرار النكرة بالنكرة يدل على التعدد كما في قوله تعالى: إن مع العسر يسرا - الخ (1)، وأما إذا كان تكرار النكرة بالمعرفة فيدل التكرار على الاتحاد.
نعم لا يبعد شمولها للمبيع الأول بالاطلاق وثانيا لا دلالة فيها على الحرمة، بل الظاهر منها الكراهة، ولذا لم يقتصر الإمام (عليه السلام) في المنع بقوله: لا تشتر، بل عقبه بالتعليل بقوله: فإنه لا خير فيه، فإن الظاهر من كلمة لا خير هو الكراهة، فإنها مثل كلمة: لا ينبغي ولا يصلح، ونحو ذلك.
وعلى الجملة فظهور الرواية في المنع عن الاشتراء من حيث كون البيع ثانيا هو الطعام الأول، ومن حيث الزيادة والنقيصة والمساواة، والشيخ لا يقول بذلك، فلا تنطبق الرواية على مسلكه.
الثانية: رواية عبد الصمد بن بشير قال: سأله محمد بن قاسم الحناط فقال: أصلحك الله أبيع الطعام من الرجل إلى أجل فأجئ وقد تغير الطعام من سعره، فيقول: ليس عندي دراهم، قال: خذ منه بسعر يومه، فقال: افهم أصلحك الله أنه طعامي الذي اشتراه مني، فقال: لا تأخذ منه حتى يبيعه ويعطيك (2).
فهذه الرواية صريحة في كون المبيع ثانيا هو المبيع أولا، فعلى تقدير