للكتاب والسنة فلا يكون نافذا، وعليه فلا يكون البايع ملزما بتأخير الثمن إلى أبعد الأجلين، فحمل الرواية على هذا الوجه مشكل من هذه الجهة، بل مقتضى حملها على هذا أن لا يجوز للمشتري تأخير الثمن إلى هذه المدة المضروبة، ويجوز للبايع أن يطالب الثمن معجلا وقبل وصول المدة المضروبة، لأن التصرف في مال غيره بدون إذنه غير جائز، وكيف يجوز للمشتري أن لا يعطي مال الغير بدون رضاه كما هو واضح.
ولأجل هذا الاشكال قد وجه المصنف هذه الرواية بأن البايع قد أسقط حق مطالبته بهذا الاشتراط، وإن كان الشرط فاسدا ولكن فساد شرطه لا يضر باسقاطه حقه كما يسقط حق القصاص بمصالحة ولي الدم حقه بعبد يعلمان استحقاق الغير له أو كونه حرا، وفي المقام أيضا كذلك، فإن فساد الشرط لا يضر بالاسقاط.
ولكن ما أفاده المصنف (رحمه الله) ليس بتمام، من جهة أن حق القصاص وإن كان أيضا حكما شرعيا ولكنه حق من الحقوق المصطلحة، لأنه يقبل الاسقاط بالكتاب والسنة، وهذا بخلاف حق المطالبة فإنه حكم شرعي غير قابل للاسقاط، حتى لو أسقطه لم يسقط، بل له أن يطالب حقه بعد ذلك، نعم له أن لا يطالب حقه ويرضي بتأخير حقه، وحينئذ فلا يجب للمشتري المبادرة بالأداء، وأما مع عدم الرضاء فلا يجوز له التأخير، لما عرفت من أن التصرف في مال غيره بدون إذنه حرام.
والتحقيق أن تحمل الرواية على الوجه الثاني، الذي هو مورد النقض والابرام في المقام، حيث نفاه بعضهم وأثبته آخر، وهو أن يقال: إن المراد بالرواية هو التعليق، حيث إن البايع قد أنشأ بانشاء واحد بيعين على تقديرين، يعني على تقدير كون الثمن معجلا أنشأ بيعا وعلى تقدير كونه مؤجلا أنشأ بيعا آخر، فهنا بيعان معلقان بثمنين على تقديرين،