وبعبارة أخرى أن مدرك حجية هذا الظهور إن كان هو الظن فلا دليل على حجيته، وإن كان شئ آخر من الأدلة الخاصة فلم نر دليلا خاصا على اعتباره كما هو واضح.
وقياس المقام بحجية ظواهر الألفاظ قياس مع الفارق، بداهة أن الوجه في حجية ظواهر الألفاظ هو الوضع، بمعنى أن العقلاء تعهدوا على كلما أرادوا شيئا فلانيا مثلا أن يتكلموا بلفظ فلاني، وبنوا أيضا على أنه إذا تكلم أحد بكلام له ظاهر في معناه الموضوع له يؤخذ بظهور كلامه وإلا فلا دليل على حجية مطلق الظواهر كما هو واضح.
وربما يقال إنه إذا باع ذي الخيار مثلا ما انتقل عنه، فيحتمل أنه باع ذلك عن مالكه الفعلي فضولة، ويحتمل أنه باعه عن نفسه أصالة ولكن فسخ العقد ببيعه هذا، فالأصل عدم قصده بيع ذلك عن غيره.
وفيه أولا: إن هذا الأصل مثبت، لأن فسخ العقد من لوازم عدم قصد البيع عن غيره لا نفسه، والأصل المثبت ليس بحجة.
وثانيا: إنه لا يعتبر القصد في بيع مال الغير فضولا كما لا يعتبر ذلك في بيع مال نفسه، بل يكفي مجرد قصد البيع وابرازه بمبرز، وقد ذكرنا في أول البيع أن حقيقة البيع هو هذا، وعليه فلا قصد هنا حتى ننفيه بالأصل وهذا واضح.
نعم يعتبر ذلك في بيع الكلي كما تقدم في بيع الكلي، بداهة أنه لا يتعين بدون الإضافة إلى ذمة معينة، سواء كانت ذمة نفسه البايع أو شخص آخر، وإنما يتعين الكلي بالإضافة إلى محل خاص وتقيده بقيد خاص، ولكنه أجنبي عن المقام كما هو واضح.
وبالجملة فلا يمكن اثبات كون التصرفات الواقعة على ما انتقل عنه فسخا للعقد، لا بمقتضى حمل فعل المسلم على الصحة، ولا بظهورها في الفسخ، ولا بالأصل العملي كما مر، فافهم.