ومثل لذلك بأنه إذا تجاوز شخص عن شخص وتكلم بكلام، واحتملنا أنه تسب واحتملنا أنه سلم، فإن مقتضى حمل فعل المسلم على الصحة أن يقال إنه لم يصدر منه السب، لأن المسلم لا يفعل محرما ولا يباشره، وأما اثبات أنه سلم بحيث يجب رد جوابه فلا، لعدم الدليل عليه.
وهذا الذي ذكره (رحمه الله) في قاعدة حمل فعل المسلم على الصحة في الأصول وأنها لا تثبت لوازمها متين جدا، ولا يمكن المساعدة على ما ذكره في المقام كما هو واضح.
وعليه فالمسلم إنما هو حمل فعل المتصرف على الوجه الجائز، وأنه لم يفعل حراما إن شاء الله، وأما فسخ العقد لكونه لازم عدم صدور الحرام منه فلا دليل عليه كما هو واضح، هذا كله فيما إذا لم يعلم أن التصرف إنما صدر منه عن علم والتفات، أو علم أنه تصرف عن غير علم، وأما إذا علم أنه تصرف في ذلك غفلة عن بيعه ذلك أو نسيانا، فإن الأمر هنا أوضح، فإنه لم يحتمل أحد بل لا يحتمل أنه فسخ العقد بذلك التصرف كما هو واضح.
فتحصل أن حمل فعل المسلم على الصحة وأن التصرف لم يكن محرما لا يدل على الفسخ تعبدا لكونه لازما لحمل فعل المسلم على الصحة الذي من قبيل الأمارات.
فتحصل أن حمل فعل المسلم على الصحة ليست من الأمارات بل من الأصول العملية، فلا تثبت به لوازمه وهو تحقق الفسخ به، وعلى تقدير كونه من الأمارات فلا دليل على حجية لوازم مطلقا الأمارات، لفظية كانت أم غيرها، كما هو واضح.