مانعا عن الاقتداء، إذ لولا منعه عنه لم يؤمر بالمشي، وحمل الأمر على الاستحباب وإرجاعه إلى الأمر بإتمام الصفوف خلاف الظاهر، اللهم إلا أن يجعل الأمر لرفع توهم حظر المشي، فتأمل.
وقد يؤيد ذلك أيضا بأنه لو كان البعد بما لا يجوز التباعد معه اختيارا مانعا شرعيا لما كان الحكم هنا اتفاقيا، بل كان اللازم اختصاصه بالمشهور دون من لا يجوز التباعد بما لا يتخطى، مع أنه لم ينقل الخلاف عنه.
وفيه: أنه يحتمل أن يكون المانع عن البعد بما لا يتخطى مجوزا له هنا لأجل الأدلة الواردة في المقام، فإن صحيحة عبد الرحمن المذكورة (1) صريحة في بعد الشخص الداخل في المسجد عن أهل الجماعة، بما يحتاج طيه إلى المشي.
فالأولى التمسك في ترخص البعد بما ذكرنا من ظهور الصحيحة في البعد بما يخرج عن المعتاد في الاقتداء.
وأما عدم الجواز مع غيره من الموانع فلعموم أدلة منعها، إلا أن يقال:
إن غاية الأمر وقوع التعارض بينها وبين إطلاقات المسألة، فيرجع إلى إطلاقات الجماعة السليمة عن مزاحمة أدلة الاشتراط، لكنه مبني على وجود مثل هذه الإطلاقات بحيث تدل على صحة الجماعة بقول مطلق، ولم أعثر من ذلك على ما تطمئن به النفس، مع ما عرفت من أصالة عدم سقوط القراءة في محالها عن المصلي، خرج عن ذلك المأموم المدرك لقراءة الإمام خلفه، لما دل على كفاية قراءة الإمام وضمانه إياها عمن خلفه (2)، فلا يسقط عمن لم يدركها معه إلا إذا دل دليل كمن أدرك الركوع معه في موضع لا مانع فيه