وإما أن يكون تحقق الفساد في نظر المأموم لعذر شرعي كالنص الاجتهادي أو التقليد، مثل أن يترك الإمام الطمأنينة في السجدة لاجتهاده أو تقليده في عدم وجوبها مع أن المأموم يراه واجبا، ومثل أن يستصحب غير المأكول مع اعتقاد المأموم بطلان الصلاة به، وقد يكون هذا أيضا في الموضوع مثل أن يشهد عند الحاكم عدلان بأن هذا الثوب خز والمأموم يعتقده ولو بشهادة عدلين آخرين أنه جلد حيوان آخر غير مأكول اللحم، ونحو ذلك.
فما كان من قبيل القسم الأول أي يكون العذر فيه عقليا فالأقوى عدم جواز الاقتداء بالإمام المعذور، لأن ما يأتي به من العمل غير مأمور به من الشارع فليست بصلاة، إذ مجرد اعتقاد الأمر وتخيله أو عدم الالتفات إلى عدم الأمر ليس أمرا كما هو واضح، فإن المحدث النفس الأمري المعتقد للتطهر غير مكلف في نفس الأمر بالصلاة في تلك الحالة، فما يفعله ليس بمأمور به من طرف الشارع لا في الواقع كما لا يخفى، ولا في الظاهر، لعدم توجه خطاب في الظاهر إلا أنه حيث يعتقد أنه مأمور واقعا فيفعل الفعل بقصد الامتثال، وإلا فلا أمر من الشارع لا واقعا ولا ظاهرا.
نعم، إنما يحكم عليه من اطلع على اعتقاده المخالف بوجوب الإتيان بما اعتقده واستحقاق العقاب لو تركه من جهة التجري من دون أن يخاطب بأن: إعمل على طبق معتقدك، وقد حقق ذلك مستقصى في مسألة عدم اقتضاء الأمر العقلي الحاصل من النسيان أو الاعتقاد المخالف أو عدم الالتفات للإجزاء (1).