واقعي ثانوي مجعول في حقه أم هو من باب العذر المسقط للتكليف بالواقع؟
فإن قلنا بالأول صح الائتمام، لأن صلاة الإمام صحيحة في نفس الأمر بالنسبة إليه كصلاة الفاقد للماء مع التيمم، فيجوز الاقتداء به، وإن قلنا بالثاني فلا يجوز الائتمام، لأن المأتي به ليس صحيحا في نفس الأمر، وإنما يراه المصلي صحيحا، فأسقط الشارع عنه التكليف بالواقع، فهي صلاة فاسدة أسقطت الصلاة الصحيحة الواقعية، فيكون كالقسم الأول المتقدم، أعني ما لو أخل ببعض الشروط أو الأجزاء لعذر عقلي مزيل للتكليف بالواقع، نعم العذر هناك عقلي لا يجوز معه التكليف بالخلاف، والعذر هنا شرعي يجوز معه التكليف بالاحتياط وترك العمل بالظن إلا أنه أسقطه الشارع لليسر، وقد يرجع أيضا إلى العذر العقلي.
أقول: يقع الكلام هنا تارة في صحة الابتناء وأخرى في تعيين المبنى.
أما الأول فنقول: إن المراد بالحكم الاجتهادي - الذي بني جواز الائتمام على أنه واقعي ثانوي أو حكم عذري - إن كان هو الحكم التكليفي أعني التكليف بالصلاة من دون الطمأنينة أو معها فلا ريب في انقلابه وكونه واقعيا ثانويا، إذ الفرض صحة اجتهاد المجتهد، فهو مكلف بما حصل له الظن بمقتضى الأدلة الدالة على حجية ذلك الظن، فانقلاب الحكم التكليفي للمجتهد مما لا خلاف فيه، ولا ريب يعتريه، إذ لا يرتاب أحد في أن المجتهد إذا أدى ظنه إلى تحريم عصير العنب مع كونه حلالا في الواقع فقد حرم عليه بجعل الشارع شربه وإن حل واقعا، فتعلق التحريم به من الشارع مقتضى نفس الدليل الدال على حجية دليل التحريم.
نعم، لو قال قائل بأن الأمارات الشرعية لم يجعلها الشارع دليلا ولم يوجب العمل بها، وإنما يعمل بها المجتهد من جهة إفادتها الظن بالواقع،