اعلم (١) أن الأقوال في الكبائر مختلفة جدا، ووردت أخبار كثيرة على أنها " هي ما أوعد الله عليها النار " (٢)، لكن يشكل أن كثيرا من أفراد المعاصي التي لم تعد من هذه أكبر - بحكم العقل المستقل - عند الله مما أوعد الله عليها النار، مثلا حبس المحصنة ليزني بها أحد أعظم عند الله من قذفها، والدلالة على عورات المسلمين المفضية إلى قتلهم وأسرهم أعظم عند الله من الفرار من الزحف أو أكل مال اليتيم، وكذا سعاية المؤمن إلى الظالم المفضية إلى قتله أعظم من غيبته بما فيه، وهكذا.
اللهم إلا أن يقال: إن هذه كلها من أكمل أفراد الظلم الذي أوعد الله عليه النار بقوله عز وجل: ﴿إنا اعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها﴾ (٣)، وقوله تعالى: ﴿ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار﴾ (4) وحينئذ فتتسع دائرة الكبائر.
ويمكن أن يقال: إن المراد بما ورد في الأخبار هي الكبائر النوعية، وهي التي توعد بالنار على فعل نوعها، وغير هذه ليست كبائر بالنوع وإن كان قد يصير بعض أشخاصها كبيرة بل أكبر من بعض الكبائر النوعية، ولعله إلى هذا ينظر ما حكي عن بعض (5)، من أنك إن أردت أن تعرف