وكيف كان، فيدل على عدم الجواز - مضافا إلى ما ذكر - الأخبار المستفيضة (1) الواردة في مسألة المأموم المسبوق، أنه إذا لم يمهله الإمام ولم تدرك السورة أجزأته الفاتحة.
وقد يمنع دلالتها بأن التخلف وإن لم يكن حراما إلا أنه لا مانع من كونه عذرا في ترك السورة، وهذا المنع وإن كان لا يخلو عن نظر بل منع إلا أن التعويل في أصل الحكم على إطلاقات إجماعات المتابعة مع النبوي المتقدم.
وأما ظهور عدم الخلاف في عدم جواز المفارقة، ففي شموله للمقام تأمل، لاحتمال بل ظهور إرادة خصوص المتقدم أو إرادة المفارقة رأسا، نعم في رواية ابن الحجاج في المأموم المسبوق (2): - من أن " المأموم يقعد قليلا في ركعته الثانية وثالثة الإمام بقدر التشهد ثم يلحق الإمام " - ما يشعر بعدم جواز التأخر، فتأمل.
وكيف كان، فالظاهر أن المراد بالتأخر المحرم هو التأخر الكثير الذي يسلب معه المتابعة عرفا كالتأخر عن الركوع والسجود والجلوس والقيام حتى يفرغ الإمام عنها، ولا عبرة بالتأخر القليل كأن يلحق بالإمام في آخر واحد من الأفعال المذكورة، أو يتأخر عنه بالنسبة إلى الأفعال القصيرة كالقيام والطمأنينة بعد الركوع والجلسة بين السجدتين، فلا يقدح التأخر إلى أن يفرغ الإمام منها.