لكن الظاهر أن هذا القول خلاف المشهور وإن كان يظهر من المحكي عن جماعة، بل عن المجلسي في البحار: أن الأشهر - وعن الخراساني: أن الأقرب الأشهر - في معناها أن لا يكون مرتكبا للكبائر ولا مصرا على الصغائر (1)، وعلى هذا فمجرد فعل الكبيرة يقدح في تحقق العدالة، لعدم تحقق الاجتناب.
وبقي شئ آخر، وهو أن فعل الصغيرة لا يقدح في العدالة إجماعا ممن قسم المعاصي إلى قسمين، فعلى القول بأن العدالة عبارة عن الملكة إن قلنا بأن المراد ملكة اجتناب الكبائر بحيث لا يقدح عدم ملكة الكف عن الصغائر فهذا موقوف على تمييز الفاعل بين الصغائر والكبائر، وإلا فحصول ملكة الكف عن الكبائر من باب الاتفاق دون الصغائر لا يتحقق غالبا.
وإن قلنا: المراد ملكة اجتناب جميع المعاصي إلا أن فعل الصغيرة لا يقدح، فإن لوحظ في الملكة اتصافها بالمنع فعلا فلا ريب في عدم اتصاف الملكة بالمنع حين الفعل، فيخرج عن العدالة.
نعم، لو قلنا: إن العدالة هي الملكة التي من شأنها المنع وإن لم تمنع إلا أن الدليل قام على فسق مرتكب الكبيرة دون الصغيرة.
ففيه: أن قيام الدليل على تحقق الفسق بذلك دليل على اعتبار عدمها في العدالة، فإن صريح المنقول عن جماعة - كالمحقق في الشرائع (2) والنافع (3)