الاجتناب عن جميع القبائح فلا يكون حسن الظاهر طريقا إليه، لأن ترك المعاصي الخفية التي ليس من شأنها الظهور لا يعلم ولا يظن بحسن الظاهر، فلا بد من أن يكون الطريق إليه ظنا هي الملكة، وحينئذ فيكون حسن الظاهر كاشفا ظنيا عن الملكة وهي أمارة على الاجتناب، وسيأتي تفصيل هذا.
بقي الكلام في مستند القائل بالملكة، وقد عرفت أن ظاهر مرادهم بالملكة هي الحالة النفسانية وإن عبر بعضهم بالملكة (1)، وآخر بالهيئة الراسخة (2)، وثالث بالكيفية الراسخة (3)، إلا أن الذي فهمه منه بعض السادة المعاصرين (4) هي الحالة، والمراد منها الأعم مما يحصل بعد المزاولة ومما يحصل دفعة بإلقاء الخشية في قلبه كما قد يتفق، فالمراد بها الحالة النفسانية القاهرة لسلطان الهوى، الآخذة بزمام قوتي الشهوة والغضب إلى ملازمة التقوى في غالب الأحوال، وهذه حالة مبينة سهلة الحصول تشاهد في المطيعين من عبيد سائر الموالي، ولا يقدح غلبة القوتين عليها في بعض الأحوال لتقويهما بالأمور الخارجة الاتفاقية فيقرب الشخص من الاضطرار، أو يموهان الأمر على صاحبه فتقعد الحالة المذكورة عن المدافعة لضعف البصيرة المحركة لها على الدفاع.