وقد يحمل كلام موجبي الصيغة الثانية على وجوبها بالأصالة، الغير المنافي لسقوط الغرض منها بالاتيان بالصيغة الأولى التي هي من مستحبات التشهد الأول (1)، ويقال: إن ذلك نظير وجوب الوضوء بعد الوقت الساقط بالوضوء المرغب فيه قبل الوقت للتأهب، والحكم باستحباب الصيغة الثانية بعد الأولى من قبيل الحكم باستحباب تجديد الوضوء.
وفيه: - مع ما لا يخفى من الفرق بين مسألة وضوئي التأهب والتجديد وبين الصيغتين - أن مرجع هذا الكلام إلى أنه لا يجب الصيغة الثانية إلا على من ترك الأولى، ولا ريب في استحباب الصيغة الأولى في التشهد الأخير ولا في استحباب الإتيان بالثانية بعد الأولى.
ومع هذه الأحكام كيف يعلم كون الثانية هي الواجبة أصالة دون الأولى؟ فإن الأدلة الآمرة بها مقيدة بصورة ترك الأولى، وما في بعضها كرواية أبي بصير (2) من الأمر بهما جميعا، فلا مناص عن حملها على الاستحباب، فليس هنا ما يدل على وجوب تلك الصيغة إلا ما دل على وجوبها عند ترك (3) الأولى (4) وما دل على وجوب مطلق التسليم (5)، وشئ منهما لا يثبت إلا وجوبها تخييرا.