والغالب في حصول الكبائر من أهل العدالة هو الثاني، كما أن الغالب في حصول المعصية من مطيعي عبيد أهل الدنيا هو الأول أو أمر ثالث وهو عدم اطلاع المولى.
كما أن هنا أيضا قسما ثالثا، وهو تلبيس النفس الأمر على الشخص برحمة الله تعالى وغفرانه بعد التوبة وتدارك السيئات بالحسنات، لكنها في الحقيقة راجعة إلى القسم الثاني.
ويمكن الفرق بينهما: بأن النفس في القسم الثاني تموه على الإنسان في أصل مبغوضية العمل، وفي هذا القسم في عفو الله سبحانه.
ومما ذكرنا تبين أن هذه الحالة لا تزول بمجرد إيقاع الكبيرة، نعم يزول وصفها أعني سلطانها على الهوى، ويبقى زائلا والهوى غالبا بعد صدور المعصية ما لم تحصل الندامة، فإذا حصلت الندامة رجع الهوى إلى مغلوبيته والحالة المذكورة إلى سلطنتها، فالعدالة هي الحالة الباعثة الغالبة مع تلبسها بوصف البعث والغلبة، ولا ريب أن الإنسان إذا فعل كبيرة وبقي غير نادم عليها مع الالتفات إليها فليست الحالة الموجودة فيه غالبة على الهوى وإلا لندم عليها قطعا، لأن من آثار غلبتها على الهوى هو الندم، كما هو مشاهد في المخالفات العرفية.
فإن قلت: قد يفعل المعصية ويذهل عنها فلا يندم عليها. قلنا: يكفي في رجوع غلبة الحالة بغض صاحبها لتلك المعصية إجمالا بعنوان أنه من معاصي الله وإن لم يلتفت إليها تفصيلا حتى يندم عليها.
وأما الدليل على كون العدالة هي الحالة المذكورة فهي صحيحة ابن أبي يعفور المتقدمة الدالة على أنه: " يعرف عدالة الرجل بأن يعرفوه بالستر