تحمل القراءة والأوهام ووجوب المتابعة إنما عرضت لذات الجماعة التي عرض لها الاستحباب، لا أنها عرضت لها بعد الحكم باستحبابها، بل يمكن العكس بأن يقال: إن الاستحباب إنما عرض للجماعة بعد اعتبار لحوق هذه الأحكام لها، وحينئذ فالهيئة المشتملة على أحكام مخالفة للأصل والعمومات كيف يمكن إثبات استحبابها بخبر ضعيف أو فتوى فقيه.
ولو تنزلنا، فغاية الأمر أن هذه الأحكام والاستحباب كلها عرضت لذات هذه الهيئة التي يعبر عنها بالجماعة من غير ترتب في العروض، لا أنها عرض لها الاستحباب أولا ثم لحقتها تلك الأحكام باعتبار كونها مستحبة أو بالعكس، وحينئذ فلا يمكن إثبات مشروعيتها إلا بالأدلة المعتبرة، لأن مشروعيتها توجب ترتب هذه الأحكام عليها كما يوجب ترتب الثواب عليها، إذ لا تفكيك بين الاستحباب وهذه الأحكام إجماعا.
وعلى كل حال، فظاهر جملة من العبائر وصريح بعضها عدم الفرق في الفريضة بين الواجب بالأصل وبالعرض كالمنذورة، كما صرح به في الذكرى (1) بقوله: " حتى المنذورة عندنا " وهو حسن مع استفادة عموم من النص والفتوى، لكنه في غاية الإشكال، بل يقوى انصرافها إلى غير المنذورة، فيبقى عموم ما دل على حرمة الجماعة في النافلة (2) سليما، بناء على أن المراد بالنافلة ما هو كذلك في أصل الوضع والجعل، كما هو المتبادر.
مع أن لفظ " النافلة " الوارد في أدلة حرمة الجماعة مأخوذ من النفل وهي الزيادة، سمي بها النوافل لأنها زيادة على الفرائض، فلا ينافي وجوبها