سواء كان واقعيا أوليا أو ثانويا فلا ريب في أن صلاة المجتهد - بناء على القول بعدم الجعل أيضا - قد رتب عليه في الظاهر جميع أحكام الصلاة الواقعي، فجواز الاقتداء ليس موقوفا على كون الصلاة مأمورا بها واقعا، بل يكتفى فيها بكونها في حكم المأمور به الواقعي. هذا كله إن أريد بالحكم - الذي بني جواز الاقتداء على انقلابه وعدمه - هو الحكم التكليفي الثابت للإمام.
وإن أريد به الحكم الوضعي، أعني صحة الصلاة وعدمها بأن يقال:
إن كانت هذه الصلاة صحيحة واقعا صح الاقتداء، وإن كانت فاسدة اكتفى بها الشارع من فاعلها عذرا لم يصح الاقتداء.
فنقول: إن أريد من الصحة مطابقة الأمر ومخالفته، فيؤول الكلام إلى الحكم التكليفي، لأن الصحة بهذا المعنى تابعة للحكم التكليفي وعدمها لعدمه، وقد تقدم الكلام.
وإن أريد بالصحة ترتب الآثار التي رتبها الشارع على أصل الصلاة غير سقوط الأمر وتحقق الامتثال مثل جواز الاقتداء وجواز الاستئجار - بناء على عدم كونهما من آثار الموافقة للمأمور به وآثار سقوط الأمر وإن كانا مشروطين بكون الصلاة مما يسقط التكليف، إلا أن سقوط الأمر بمجرده لا يكفي في ترتبهما - فنقول: إذا بنينا على حكم الشارع واقعا بصحة الصلاة المجردة عن الطمأنينة الصادرة ممن يرى عدم وجوبها، فهذا لا يستلزم جواز الاقتداء، لأن الصلاة إنما جعلت صحيحة بالنسبة إلى المصلي، فترتيب جواز الاقتداء من غيره المخالف له في الرأي لا يجوز، بل يعتبر جعل الصحة أيضا بالنسبة إلى من يريد ترتيب الأثر.
فإن قلت: إن هذا المخالف أيضا حاكم بصحة صلاته، لصحة اجتهاده