جميع الوجوه سواء تعلق بها الأمر الوجوبي أو الندبي.
ودعوى أن الجماعة إنما شرعت في الفريضة الأصلية باعتبار عروض الأمر الوجوبي لها، فهي من أحكام الصلاة المتصفة بصفة الوجوب، لا من أحكام ذات الصلاة التي قد تتصف بالوجوب وقد تتصف بالاستحباب، وبهذا افترقت عن سائر الأمور المعتبرة في الصلاة على وجه الاستحباب.
مدفوعة: بأن أدلة استحباب الجماعة في الفريضة وإن دلت على استحباب الجماعة في الصلاة بوصف كونها فريضة، إلا أن معنى كونها فريضة ليس إلا أنها المعروضة للأمر الوجوبي في قوله: (أقيموا الصلاة) مثلا، فكأن الشارع قال: يستحب أن يؤتى الصلاة التي أمر بها بالأمر الوجوبي في (أقيموا الصلاة) من حيث إنها كذلك (1) في جماعة، فقد صارت الجماعة هيئة مستحبة للصلاة المأمور بها في (أقيموا الصلاة) بوصف أنها مأمور بها، فإذا فرضنا أن الشخص امتثل هذا الأمر الوجوبي بتلك الهيئة المستحبة أو خالية عنها، فشك في ثبوت خلل في امتثاله، بحيث يحتمل احتمالا لا يجب الاعتناء به بقاء الأمر الوجوبي واقعا في ذمته وإن سقط ظاهرا، فإذا حكم العقل أو الشرع من جهة الاحتياط حكما استحبابيا بإعادته فقد حكم باستحباب إتيان ذلك الفعل الذي أمر به بالأمر الوجوبي من حيث إنه أمر به بالأمر الوجوبي، ضرورة أن الاحتياط في الواجب سواء كان واجبا أو مستحبا ليس حكما لموضوع ابتدائي، وإنما هو حكم لموضوع تعلق - ولو احتمالا - به الوجوب الواقعي، والمفروض أن الجماعة أيضا عرضت لذلك الفعل المأمور به بالأمر الوجوبي، فإن قلت: الجماعة صفة للمأمور به بالأمر الوجوبي