صلاة الاحتياط فلما لم يكن وجوبها نفسيا بل وجوبها لتتميم صلاة الأصل، ولم يكن ممحضة للجزئية أيضا كالركعتين الأخيرتين، لم يكن دليل على مشروعيتها فيها.
والحاصل: أن القدر الثابت من الأدلة هي مشروعية الجماعة في الفريضة أو في جزئها الحقيقي المحض، وصلاة الاحتياط ليست بفريضة، بناء على ما عرفت من أن الظاهر من الفريضة ما أخذ فيه الفرض بمعنى الوجوب النفسي، وليست أيضا جزءا محضا للفريضة ليصدق الاقتداء في الفريضة باعتبار بعضها، فلم تثبت مشروعيتها فيها.
ومما ذكرنا يظهر أن مناط الاستدلال ليس دعوى انصراف إطلاق الفريضة إلى غير صلاة الاحتياط، حتى يمنع (1) عنه مطلقا أو بملاحظة وروده في بعض الأدلة بعنوان العموم الذي لا يتطرق إليه الانصراف، بل مبنى الاستدلال دعوى أن مادة " الفرض " المأخوذة في لفظ الفريضة هي المطلوبية النفسية، نعم لو أبدل الفريضة بالواجب أمكن منع الانصراف المذكور، نظرا إلى أن مادة الوجوب لا اختصاص له وضعا ولا انصرافا بالمطلوب في نفسه.
وعلى الثاني - وهو ما إذا لم يحصل الاقتداء بمصلي الاحتياط في أصل الصلاة - فوجه المنع فيه مضافا إلى الوجه السابق: هو أن صلاة الاحتياط لا تخلو في الواقع: إما أن تكون جزءا للصلاة أو نفلا، وعلى التقديرين لا يجوز، أما على الثاني فواضح، وأما على الأول فلأن الابتداء بالاقتداء في أثناء الصلاة لا يجوز على المشهور إلا مع الاستخلاف الخارج بالنص والوفاق، لعدم دليل على جوازه.