بل يمكن أن يقال: إن النبوي الشريف - أعني قوله صلى الله عليه وآله وسلم:
" إنما جعل الإمام إماما ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا " (1)، وفي بعض الروايات: " وإذا قرأ فأنصتوا " (2) - يدل على أن العلة الغائية في شرعية الجماعة والإمامة والائتمام هي متابعة الإمام في هذه الأفعال، ففي كل صلاة لا يمكن المتابعة فيها لم تشرع الجماعة، لعدم حصول غايتها.
ولو سلمنا عدم دلالته على نفي المشروعية مع عدم إمكان المتابعة في الكل، لكن نقول: الظاهر من الرواية بيان مشروعية الجماعة في مجموع الصلاة، كما يدل عليه تفريعه عليه قوله: " فإذا كبر فكبروا " فلا تدل على المشروعية في الأبعاض، لكن قام الإجماع على أن كل موضع يمكن فيه الاقتداء من الابتداء يمكن فيه الاقتداء في الأثناء، فيبقى ما لا يمكن الاقتداء فيه في الابتداء باقيا تحت أصالة عدم المشروعية، وهذا جار في جميع عمومات الجماعة التي يتوهم شمولها للمقام، فإنها ظاهرة - كما لا يخفى - في فعل مجموع الصلاة جماعة، لأن الصلاة اسم للمجموع، فقولهم عليهم السلام:
" الصلاة في جماعة " أو " صلاة الجماعة " أو " حضور جماعة المسلمين " أو " من صلى مع الإمام " (3) ظاهر في المجموع، فيكفي في عدم المشروعية في المقام عدم الدليل.