الفرق بين الكبيرة والصغيرة فأعرض مفسدة الذنب على مفاسد الكبائر المنصوص عليها، فإن نقصت عن أقل مفاسدها فهي من الصغائر وإلا فمن الكبائر.
ثم إن اختلاف الأخبار في عدد الكبائر محمول على اختلاف مراتبها، فحينئذ فكلما ثبت بنص معتبر كون شئ كبيرة فيؤخذ به ولا يعارضه ترك ذكرها في نص آخر، وإلا فإن كان بحسب العقل المستقل أقبح من إحدى الكبائر المنصوصة فهي أيضا كبيرة، لأن الظاهر أن اتصاف الذنب بالكبيرة ليس إلا من جهة عظمته وشدة قبحه عند الله عز وجل، لا لأجل خصوصية مرتبة من القبح أو لخصوصية أخرى، فالظاهر أن مثل هذا أيضا قادح في العدالة، لعموم ما دل على اعتبار كف الجوارح عن المعاصي.
فإن قلت: إن الخارج من هذا العموم هي الصغيرة النفس الأمرية، وإذا فرض الشك في كونها صغيرة أو كبيرة فكيف يتمسك بالعموم؟
قلت: يتمسك بأصالة عدم تحقق العدالة فيمن ليس له ملكة الكف عن هذه المعصية المشكوك في كونها كبيرة، وقد تعارض بأصالة بقائها فيمن وجدت له ملكة الكف عن جميع المعاصي إلا أنه ارتكب بعد ذلك تلك المعصية المشكوكة، لكن غاية الأمر تعارض الأصلين، فيتعين الرجوع إلى أصالة عدم ترتب آثار العدالة (1).
ثم إن قوله في الصحيحة وغيرها مما عرف الكبائر فيها بأنها " مما أوعد الله عليها النار " (2) يحتمل أن يراد به ما أوعد الله - في خصوص ظاهر