ومما يؤيد ما ذكرنا من صدق الفوت مع الجهل أيضا: قوله عليه السلام في صحيحة علي بن جعفر عليه السلام في صلاة الكسوف: " إذا فاتتك فليس عليك قضاؤها " (1) مع أن أدلة قضاء الفرائض لا تنحصر فيما علق الحكم فيه على الفوت، بل يظهر من كثير منها تعليقه على نفس الترك، كما قرر في مسألة القضاء.
وأما فحوى ما دل على عدم الوجوب في الكسوفين فممنوعة، لأن الحكم المذكور في الكسوفين مختص بحال عدم احتراق تمام القرص، إذ مع الاحتراق يجب كما سيجئ، والمعلوم كون الكسوف بطبيعته أشد من سائر الآيات، لا أن كل فرد منه كذلك، مع أن الأولوية اعتبارية ظاهرا.
نعم، ورد في الرواية أن: " كسوف الشمس أشد على الناس والبهائم " (2)، وفي صحيحة الرهط: " إن الصلاة في هذه الآيات كلها سواء، وأشدها وأطولها كسوف الشمس، تبدأ فتكبر بافتتاح الصلاة... إلى آخر الرواية " (3)، وفي دلالتهما على الأولوية المدعاة نظر.
وأما ما ورد من التسوية بين صلاة الآيات مثل الصحيحة المذكورة وغيرها (4)، فالظاهر منه إرادة المساواة في الكيفية لا في الأحكام، سيما في محال وجوب القضاء، مع أن الكسوف قد يجب فيه القضاء كما في صورة الاحتراق إجماعا، فدعوى مساواة سائر الآيات للكسوف في صورة عدم الاحتراق تحكم بارد، فالحكم بوجوب القضاء - كما قواه في الروضة (5)