مشغولة بمال البايع بحيث لا يمكن افراغه عادة إلى شهر أو شهرين مثلا، أي لا يمكن افراغها في مدة يتسامح فيها عرفا كيوم أو نصف يوم، بل لا بد وأن تبقى مشغولة في مدة معتد بها كشهر أو شهرين، وحينئذ يثبت للمشتري خيار الفسخ كما يثبت ذلك مع عدم أصل التسليم على ما تقدم.
ثم إنه ذكر المصنف أنه إذا لم يفرغ البايع المبيع إلى مدة يتضرر فيها المشتري ثبت له خيار الفسخ، والظاهر أنه لا وجه لهذا التقييد، بداهة أن الخيار لم يثبت بدليل نفي الضرر حتى يكون مقيدا بعدم الضرر، بل إنما هو من جهة التخلف بالشرط الضمني، وعليه فيثبت له الخيار بمجرد طول المدة وإن لم يتضرر المشتري بل كان عدم الفراغ على نفعه، كما إذا كان في مسافرة فلو حصل الفراغ لم يكن أحد حافظا للمبيع، وهذا واضح لا شبهة فيه، ويجب على البايع حينئذ أن يعطي الأجرة في المدة التي أشغلها على تقدير عدم فسخ المشتري وعدم رضاه بالبقاء مجانا، كما هو واضح.
ولا يفرق في ذلك بين أن يكون عدم الافراغ عن قصور أو عن تقصير، فما ذكره المصنف من الجزم بالخيار في الثاني دون الأول لا وجه له، فإن التصرف في مال الغير لا يجوز على كل تقدير، ومعه يكون ضامنا له سواء فوت عينه أو منفعته كما هو واضح، ففي المقام حيث فوت منفعة مال الغير فيكون عليه ضمانها.
ثم إن هذه الفروع في فرض جهل المشتري بالواقع، وإلا فمع علمه يكون المبيع مشغولة، ومع ذلك أقدم على الشراء مع علمه بأنه لا يحصل الفراغ إلى شهر لا يكون له الخيار إلا مع تسامح البايع بأزيد من ذلك.
وقد يقال إنه إذا كان المشتري غافلا عن كون المبيع مشغولا وأقدم