فإن ذلك يوجب الغرر البين، بداهة أن لبعد الأجل وقربه دخل في زيادة مالية المبيع ونقصانه، فيكون ذلك خطرا في مالية المبيع بلا شبهة كما هو واضح فيكون البيع باطلا، وإن كان ذلك معلوما في الواقع وعند الأشخاص الآخرين فإن ذلك لا يرفع الغرر.
وقد يتوهم قياس المقام بأوزان البلد، حيث إنهم ذكروا كفاية الشراء والبيع بأوزان البلد المضبوط في نفسها وإن لم يعرف المتعاقدين مقدار الوزن تفصيلا، ولكنه واضح البطلان بداهة أن الحكم غير مسلم في المقيس عليه أيضا، وتسليمه فيه أحيانا من جهة ارتفاع الغرر المشاهدة ونحوه، وإلا المقيس والمقيس عليه داخلان تحت أصل واحد، وأن جهل المتعاقدين يوجب الغرر الموجب لبطلان البيع.
على أنه لو كان معلومية العوضين أو الأجل في الواقع كافيا في صحة البيع وارتفاع الغرر لزم الحكم بصحة كل ما هو مجهول عند المتعاقدين ومعلوم عند الله، من العوضين أو الأجل في البيع أو الشروط الأخر غير شرط التأجيل، مع أنه واضح البطلان.
على أنه يلزم أن يكون النهي الوارد عن بيع الغرر بلا مورد، فإنه ما من بيع مؤجل بالأجل إلا فهو معلوم كما عرفت.
ومن هنا ظهر بطلان توهم كفاية العلم في صحة البيع المؤجل من غير المتعاقدين.
وأما الاحتمال الثالث فهو محكي عن الشافعي، ولعله من جهة قطع الترافع إذا وقع النزاع بين المتبايعين، ولكنه أيضا واضح الفساد، بداهة أن قطع الترافع لا ينحصر بذلك، بل يمكن بالحلف أيضا كما هو واضح.