بعد ذلك واقعة في ملك الغير أي بقاءا وإن كانت واقعة في ملك المؤجر حدوثا، أو لا يبطل لأنها واقعة في ملك المؤجر الذي كان مالكا بالعين مطلقا وإن كانت ملكيته محدودة.
فذهب المحقق القمي إلى بطلان الإجارة بفسخ البيع بخيار رد مثل الثمن، وعلله بأنه يعلم بفسخ البيع أن المشتري لم يملك منافع ما بعد الفسخ وأن الإجارة كانت متزلزلة ومراعاة بالنسبة فسخ البيع، وذهب المصنف إلى الصحة، فغاية الأمر يأخذ ذي الخيار ممن عليه الخيار مثل منفعة العين أي أجرة مثل في المدة الباقية.
وحاصل ما ذكره في وجه ذلك أن من عليه الخيار إنما ملك العين ملكية مستعدة للدوام، من غير أن تقيد ملكيته بقيد، ومن نماء هذه الملكية المطلقة المنفعة الدائمة، فإذا استوفاها المشتري بالإجارة فلا وجه لرجوع تلك المنفعة إلى الفاسخ، وإنما تعود العين إليه مسلوب المنفعة في مدة الإجارة، كما إذا باع العين في زمن الخيار فإنه لا شبهة في نفوذ البيع، وكما إذا تفاسخ البايع والمشتري فإنه لم يحتمل أحد ببطلان الإجارة بالتفاسخ، مع أنه لا فرق بين الفسخ والتفاسخ.
ثم ذكر الفارق بين المقام وإجارة العين الموقوفة للأولاد، فإنه إذا آجرها البطن الأول إلى مدة معينة فتبطل الإجارة بعد انقراضه ولا تنتقل العين الموقوفة إلى البطن الثاني إلا مسلوبة المنفعة.
وحاصل ما ذكره من الفارق هو أن البطون المتأخرة إنما يتلقون الوقف من المالك الأول لا البطن الأول، فماليتهم أي البطون المتأخرة للانتفاع من الوقف من شؤون ملك الواقف دون البطن الأول.
وإذن فليس للبطن الأول أن يتصرف في العين الموقوفة إلا بمقدار حقه، فإن حقه محدودا بموته وليس له أن يؤجر العين إلى خمسمائة سنة