فإنه لا يكون التصرف بالعتق إجازة للعقد، فإنه ربما يكون قصده مع هذا التصرف على الفسخ بعد ذلك، فإن التصرف إنما يكون إجازة إذا كان مصداقا للإجازة، وهذا لا يكون إلا مع القصد إلا كان التصرف إجازة بالتعبد، وسيأتي كما هو واضح.
وبعبارة أخرى لم تقع المزاحمة هنا بين عتق العبد وعتق الجارية، بل وقعت المزاحمة بين الإجازة والفسخ، فسقوط الإجازة والفسخ معا لا يستلزم سقوط العتقين كذلك كما هو واضح، لعدم كون عتق العبد محتاجا إلى شئ، هذا كله بالنسبة إلى الحكم الوضعي.
وكذلك الكلام بالنسبة إلى الحكم التكليفي، فإنه جائز فيما أخذ المشتري من الغير وغير جائز فيما انتقل عنه إلى غيره، مثلا إذا اشترى فاكهة بخبز فأكلهما معا، فإن هذا التصرف بالنسبة إلى الفاكهة جائز لكونه تصرفا في مال نفسه، ولا يتوهم أحد حرمته، وأما بالنسبة إلى الخبز غير جائز فإنه تصرف في مال الغير فهو غير جائز إلا بإذنه، وكذلك إذا كان التصرف في العبد والجارية معا تصرفا لا يكون فسخا أو إجازة تعبدا بأن أمرهما معا بالاتيان بالماء أو شئ آخر، فإنه جائز بالنسبة إلى العبد دون الجارية، هذا كله إذا كان التصرف بنفسه مصداقا للفسخ وقصد الفاسخ أو المجيز الفسخ أو الإجازة بذلك.
وبعبارة أخرى أن الفسخ أو الإجازة من الأمور الانشائية، فيعتبر فيها القصد والابراز، وما ذكرناه من الأحكام إنما يجري في صورة القصد بكونه إجازة أو فسخا ليكون التصرف مبرزا لهما ومصداقا لهما خارجا، وأما إذا كان التصرف من التصرفات التي تكون إجازة تعبدا وبحكم الشارع لا من جهة كونها انشاء للإجازة وقاصدا به ذلك، بل يتحقق به الإجازة بحكم الشارع حتى مع عدم القصد بها بل مع القصد بعدمها، فإنه