نعم إن أريد من اقتضاء الماهية اقتران لوازمها بها حيث إنها لم يفترق عن الماهية، وعبر عن ذلك مسامحة بكون الماهية مقتضية لها، وذلك كزوجية الأربعة، وككون الانسان قابلا للعلم والكتابة، وككون الجسم قابلا للأبعاد الثلاثة وهكذا، فهذا وإن كان له وجه إلا أن لوازم الماهية لا تنفك عنها أصلا إلا بعدم الماهية، إذ لا يعقل تحقق الأربعة بدون كونها زوجة، ومع انتفاء الماهية يبطل البيع من جهة عدم المبيع وظهوره شيئا آخر.
وقد عرفت مرارا أن المبيع إذا ظهر غير ما جرى عليه البيع فيكون البيع باطلا، والأوصاف التي يعد فقدانها عيبا مع بقاء الماهية ليس وجودها من مقتضيات الماهية كالبصر والسمع ونحوها، ولأنهما مثل الكتابة والعلم، كما قال الله تعالى: فجعلناه سميعا بصيرا (1)، كما قال في مورد آخر: الرحمن، علم القرآن، خلق الانسان، علمه البيان (2)، فيعلم أن الانسانية لا تتوقف على كونه سميعا بصيرا، كما أنه لا يتوقف على كونه عالما كما لا يخفى فافهم.
ولكن هذا الوجه كما لا يمكن تصديقه وكذلك ليس مراد المصنف قطعا، إذ لا يتفوه بمثله ذي مسكة فضلا عن المصنف الذي هو شمس فلك التحقيق والتدقيق.
وإن كان المراد من ذلك، أي من مقتضى الطبيعة الأولية هو كون الشئ بحسب وجوده مقتضيا لكونه على وصف خاص وإذا تخلف عن ذلك يكون التخلف لعارض فيكون عيبا، وهذا هو الظاهر من عبارة المصنف بل هو المتعين.