أقول: يرد على هذا التوهم أن هذا الخبر أخص من مورد الكلام، فإن المفهوم منه أن المشتري يدعي عدم السماع صوت الدلال بأني برئت من جميع العيوب، فكلامنا في مطلق البراءة والمشتري ليس له شغل بالبراءة وعدمها، وإنما يقول: إنا ما سمعت، هذا أولا.
وثانيا: ما ذكره المصنف من توجيه الرواية، من أن الحكم بتقديم قول المنادي لجريان العادة بنداء الدلال عند البيع بالبراءة من العيوب على وجه يسمعه كل من حضر الشراء، فدعوى المشتري مخالفة للظاهر، نظير دعوى الغبن والغفلة عن القيمة ممن لا يخفى عليه قيمة المبيع - انتهى.
ولعل إلى هذا التوجيه ينظر كلام صاحب الكفاية (1) من جعل الرواية مؤيدة لقاعدة البينة على المدعي واليمين على من أنكر، بأن يكون مراده عن المدعي هو المشتري لكون قوله مخالفا للظاهر، والمنكر هو البايع لكون قوله موافقا له.
وأما ما ذكره صاحب الحدائق من أن المفهوم من مساق الخبر المذكور أن انكار المشتري إنما وقع مدالسة لعدم رغبته في المبيع وإلا فهو عالم بتبري البايع، والإمام (عليه السلام) إنما ألزمه بالثمن من هذه الجهة، حيث يعلم أنه مدلس، فحكمه (عليه السلام) من جهة خصوصية المورد (2).
وفيه أن مراد السائل ليس هو السؤال عن حكم العالم بالتبري المنكر له فيما بينه وبين الله.
بل الظاهر من سياق السؤال هو استعلام من يقدم قوله في ظاهر الشرع من البايع أو المشتري بحسب المحاكمة الشرعية، على أن حكم العالم