ودعوى أن الفسخ الثاني لا تأثير له على زعم المشتري فإنه يدعي الفسخ الأول جزافية، حيث إن الفسخ الثاني يكون مؤثرا على زعم البايع المنكر للفسخ أو لا.
هذا إذا أنشأ المشتري الفسخ ثانيا، وأما إذا لم ينشأ الفسخ ثانيا فهل يمكن له اثبات الفسخ الأول والحكم بانفساخ العقد أم لا، الظاهر هو امكان ذلك بوجهين:
1 - من جهة القاعدة المعروفة: أن من ملك شيئا ملك الاقرار به، حيث إن المشتري مالك للفسخ، فهو مالك للاقرار به أيضا، وهذه القاعدة وإن لم ترد من الروايات ولكن قد تسالموا عليها، فإن ذلك أمر وجداني وعقلائي وضروري، فإن المالك لشئ مالك لجميع شؤونه، كما هو واضح.
ونظير ذلك ما إذا أقر الزوج بطلاق زوجته فإنه يسمع اقراره بذلك وإن أنكرته الزوجة، فإن الزوج مالك للطلاق، فيكون مالكا للاقرار به أيضا.
2 - أن يكون دعوى المشتري الفسخ وإخباره عن ذلك بنفسه فسخا للعقد، وتوضيح ذلك: أن الأخبار وإن كان غير الانشاء وأن كلا منهما يبائن الآخر، ولكن المشتري إذا أخبر عن فسخه للعقد، فاخباره هذا يدل بالملازمة على كونه راضيا بالفسخ، ومن الواضح أن الفسخ ليس إلا الرضا بانفساخ العقد واظهاره بمظهر في الخارج، واخبار المشتري بالملازمة تكشف عن رضاه بالفسخ، فيكون اخباره عن الفسخ بنفسه مصداقا للفسخ بهذا المعنى، لا أن الاخبار بنفسه انشاء، بل كما عرفت فيه جهتان ودلالتان: دلالة مطابقية ودلالة التزامية، فالاخبار بالدلالة الالتزامية انشاء ومصداق للكشف كما عرفت.