وإن كان المبيع مستهلكا في الخليط كان لا يصدق عنوان المبيع على الشئ الموجود الخارجي، بأن كان الماء في اللبن بحيث لا يصدق عليه عنوان اللبن، وإنما يصدق عليه عنوان الماء الذي امتزج فيه اللبن، وعلى هذا فلا شبهة في بطلان البيع لتخلف الصورة النوعية المعتبرة في صحة البيع الواقع على العين الخارجية، على ما ذكرناه مرارا فإن ما وقع عليه البيع غير موجود وما هو موجود لم يقع عليه البيع.
ومن هنا يظهر حكم القسم الثالث من الاستهلاك، فإن الامتزاج قد أوجب تحقق عنوان ثالث لم يقع عليه البيع كما هو واضح.
وأما القسم الرابع فهو مركز الاختلاف ومورد كلام جامع المقاصد من الحكم ببطلان البيع للجهالة أو عدم بطلانه، وأما الأقسام المتقدمة فليست موردا لذلك، لما عرفت من أنها إما صحيحة مطلقا مع الخيار أو باطلة كذلك.
والصحيح هو الحكم بصحة البيع في الجزء الذي وقع عليه البيع وبالبطلان بالنسبة إلى الجزء الآخر الذي لم يقع عليه البيع، كما إذا باع منين من الحنطة فظهر أحدهما ترابا والمن الآخر حنطة، بحيث يصدق على كل منهما أنه حنطة أو تراب، فلا وجه لصحة البيع في المجموع، فإن المفروض أن نصفه لم يقع عليه البيع، ولا وجه للقول بالبطلان في المجموع، لأن المفروض أن نصفه مما وقع عليه البيع، فيحكم بالصحة في النصف وبالبطلان في النصف الآخر، كما هو مقتضى انحلال المبيع إلى مبيعات متعددة وانحلال البيع إلى بيوع عديدة، غاية الأمر يثبت للمشتري خيار تخلف شرط الانضمام وتبعض الصفقة، خصوصا إذا كانت الهيئة الاجتماعية دخيلة في مالية المبيع أو في غرض المشتري كما هو واضح.