اللهم إلا أن يقال: إن الأخبار العامية قد أمرنا بطرحها، فلا تصير منشأ للمعارضة كما لا تصير منشأ للتسامح، بل وجه معارضة الخبر الضعيف لمنشأ التسامح هو أنه أيضا يصير منشأ للتسامح في الطرف المخالف، فإذا كانت الأخبار العامية لا تصير منشأ للتسامح فلا تقوى لمصادمة منشأ التسامح من الأخبار الخاصة وفتاوى الفقهاء.
اللهم إلا أن يمنع من عدم كونها منشأ للتسامح، وللكلام مقام آخر.
وأما ثانيا، فلأنه من أين علم أن النهي للتشريع؟ فلعله في الخبر المذكور للتحريم الذاتي كصلاة الحائض.
وأما ثالثا، فلأن التصريح بالنهي التشريعي يقدح في التسامح كالتحريم الذاتي إذا كان النهي التشريعي واردا بأحد الأدلة المعتبرة، نظرا إلى أن حاصل التسامح هو فعل الشئ رجاء أن يكون محبوبا ومشروعا، فإذا ورد الدليل على عدم مشروعيته فلا يبقى لرجاء المشروعية محل، ودعوى أن النهي التشريعي لم يصل إلينا هنا في دليل معتبر، رجوع إلى الجواب الأول، وقد عرفت منع كونه تشريعيا، بل هو ذاتي بمقتضى ظاهر اللفظ، بل يكفي الاحتمال في مقام التسامح بالترك ومقام معارضة منشأ التسامح في الفعل.
اللهم إلا أن يقال بالتسامح في مقابل الدليل على عدم المشروعية أيضا إذا كان من الأدلة الظنية المحتملة للخلاف، كما إذا ورد دليل معتبر على إباحة شئ وورد خبر ضعيف على استحبابه، فإن أدلة التسامح تجري هنا على قول لا يخلو عن قوة.
اللهم إلا أن يفرق بين ورود الدليل على الإباحة ووروده على نفي المشروعية في مثل الصلاة المركبة من أجزاء جميعها راجحة في أنفسها، فإن مثل هذا لو لم يدل على التحريم الذاتي يدل على أن الشارع لا يريد التقرب